هذا الحوار أجراه الأستاذ الصحفي عمرو عبد الحميد لمجلة " المرأة اليوم " مع الأستاذ/ عمرو خالد يوم الثلاثاء الموافق 26نوفمبر2002.
وكان عنوان الحوار: لم أهرب من مصر ..
وهذا هو نص المقال:
خرج الشيخ عمرو خالد من مصر، وقيل أنه لن يعود، قالوا إنه ممنوع من الكلام.. وممنوع من إلقاء خطبه في أي مسجد في مصر منذ بداية الصيف الماضي، وإنه قرر- بناء على ذلك- أن " يهرب " ويستقر في بريطانيا التي تفتح أحضانها منذ سنين للعديد من الوجوه الإسلامية المعرضة.. وحتى المطلوبة من سلطات الأمن المصرية.
بحثنا عنه في كل مكان.. أتصلنا بكل الأرقام الهاتفية الخاصة به.. حاصرنا مدير أعماله وكل القريبين منه بالأسئلة، وقلنا لهم " لماذا الصمت.. إذا كان قد قرر الهروب؟". وبعد عشرات المكالمات جاءنا صوته عبر الهاتف من مدينة " ويلز " يؤكد أنه لم يهرب لأنه ليس مطارداً من أحد، وأنه يحب مصر من كل قلبه، وسيعود إليها ليقضي فيها عيد الفطر المبارك. وخلال ساعة سجلنا كل ما دار فيها على شريط كاسيت، أجاب الداعية الإسلامي الشيخ عمرو خالد عن أسئلة " المرأة اليوم "، وشرح أسباب رحلته المثيرة إلى بريطانيا.
لماذا قررت الإبتعاد عن مصر في الفترة الحالية والإقامة في بريطانيا؟
**أنا الآن أستعد لنيل درجة الدكتوراه من جامعة ويلز وموضوع الرسالة هو " النموذج النبوي ومقارنته بالنماذج الغربية في الإصلاح الإجتماعي "، وجامعة ويلز من أكبر الجامعات المتخصصة في مقارنة الأديان، ومقارتة النماذج الإجتماعية المختلفة، فهي أفضل مكان لدراسة الموضوع.. وهذا ما يستدعي الإقامة في بريطانيا مدة تتراوح بين عامين وعامين ونصف العام.
هل ستشغلك رسالة الدكتوراه عن الإستمرار في أنشطتك الدعوية؟
** إطلاقاً، فأنا مستمر في كافة أنشطتي الدعوية وبشكل منتظم، ومسألة تفريغي الكامل لرسالة الدكتوراه غير واردة لأنني صاحب رسالة، ورسالتي أعتبرها توفيقاً ربانياً، ولا أستطيع التخلي عنها، فأنا مستمر في محاضراتي وندواتي وجميع أنشطتي الدعوية كما هي بدليل أنني لا أمانع في الحوار مع " المرأة اليوم "، رغم وجودي في بريطانيا.
تردد أن سفرك إلى بريطانيا أقرب إلى الهروب من مصر خاصة بعد أن تم منعك من إلقاء دروسك في الفترة الأخيرة ؟
** دروسي متوقفة منذ فترة وكلنا نعرف أن المنطقة تمر بظروف صعبة لكنني على أتصال بالجهات المسؤولة في بلدي، وبيننا كل تقدير وأحترام، وأستطيع أن أعود إلى مصر غداً إذا قررت ذلك فلا يوجد ما يمنعني من العودة، فأنا لست مطارداً من أحد، وكلمة " هروب " لا تنطبق على وضعي، وأرى أنها كلمة مغرضة ليس طبيعية، وؤأكد مرة أخرى أنه لاتوجد أية مشكلة بيني وبين مصر تدعوني للهروب منها، صحيح أن هناك بعض التضييق على بعض الأنشطة لكن الأمر لم يكن بالصورة التى تتردد على بعض الأوساط.
ما هو مبرر هذا التضييق، ولماذا تم منعك من إلقاء دروسك؟
** إنني أحب بلدي جداً، ومن غير الممكن أن أقول عن مصر كل خير.
هل منعك من إلقاء دروسك له علاقة بتحجب بعض الفنانات، والتفاف الشباب حولك؟
** من المحتمل
هل اهذا علاقة بترحيل الداعية اليمني الحبيب على الذي تزامن ظهوره مع ذيوع صيتك؟
** هذا الكلام ليس له أساس من الصحة، وعلاقتي بالحبيب علي يسودها كل الود والحب، وأنا على أتصال دائم به للسلام والإطمئنان بصورة مستمرة، لكن لا علاقة بين منعي من إلقاء دروسي وترحيل السلطات المصرية الحبيبة علي.
ابتعادك عن مصر في هذه الفترة ولإقامتك في بريطانيا هل كل بناء على نصيحة وجهت إليك من جانب بعض الهيئات؟
** هذا القرار ليس وراءه أي إنسان، فكرة سفري إلى بريطانيا للأقامة هناك نابعة مني، وما واجهته من مشكلات لا يعني على الإطلاق أنني مرفوض في بلدي، إطلاقاً، وأنا ما زلت على إتصال بالعديد من مسؤولين في مصر والذين تربطني بهم علاقة جيدة.
أنت لست مرفوضاً في مصر، ولكنك ممنوع؟
** طبعاً، وهي مسألة ليست جديدة، وإنما تعود لشهر يوليو الماضي.
سمعنا أن هناك وعداً بأنك ستعود لإلقاء دروسك بعد لإنقضاء فترة الصيف؟
** هذا صحيح، لكن الوضع ظل كما هو عليه الآن، ولم يتغير شيء.
هل وجدت من الأنسب لك الآن ممارسة نشاطك الدعوي من بلد أو مكان أخر فكانت بريطانيا؟
** الموضوع ليس كذلك، لكن موضوع الدكتوراه هو الذي وجه بوصلتي إلى بريطانيا، والكتوراه في وضعي غاة في الأهمية حتى يزداد ما أقوله للناس عمقاً ويزداد تأصيلاً، والاستعداد لنيل الدكتوراه كان مرتباً له منذ عام ونصف عام، لكنني أجلت هذه الخطوة للوقت المناسب، وقد جاء الوقت المناسب.
المبادئ واللاءات
هل ستعيش بين مصر وبريطانيا أم أنك تنوي الأقامة في بريطانيا؟
** لا، طبعاً، سأزور مصر، بشكل دائم، حسب ظروف دراستي، مثلاً سأقضي العيد في مصر إن شاء الله، لكن بطبيعة الحال دراستي تقضي الإقامة في بريطانيا.
هل ستصحب زوجتك وإبنك " علي" معك؟
** طبعاً، طبعاً.
في بريطانيا سأحافظ على لاءاتي الثلاث:
لا للفتوى.. لا للسياسة.. ولا للتنظيمات
هل أنت على أتصال بالقيادات الإسلامية في بريطانيا أو بالهيئات الإسلامية هناك؟
** أنا اتبعت مبادئ معينة في مصر سأظل محافظاً عليها في كل مكان أذهب إليه في العالم، فأنا عندي ثلاث من النقاط الأساسية التى أركز عليها خطابي الديني، ولن أحيد عنها لمجرد أنني إبتعد عن مصر.
لكن هناك أيضاً نقاطاً تحاول الإبتعاد عنها أو تتجنبها مثل الدخول في التفاصيل السياسية؟
** عندي أيضاً ثلاث نقاط لا أقترب منها أو بمعنى آخر ثلاث " لاءات ، لا للفتوى، لا للقضايا السياسية، ولا للأرتباط بالأحزاب والتنظيمات.
لكن نعتقد أن التنظيمات الإسلامي في بريطانيا ستحاول الأتصال بك؟
** وأنا أعتقد أن كلامي واضح، وأن كل ما كنت أرفض الخوض فيه في مصر لن يتغير إذا عشت في بلد آخر.
لكن رغم أنك قلت لا.. للقضايا السياسية إلا أن السياسة لم ترحمك، وهي التي أقتربت منك؟
** المهم أن خطي واضح، وأنا أعرف جيداً ما أفعله، وكل العلماء في كل الأزمان، مثل الإمام الشافعي، والإمام أبي حنيفة وغيرهم، كلهم كانوا من العلماء الدين ومع ذلك تعرضوا لمتاعب، وصعوبات، فمن الوارد والمحتمل أن أواجه بعض الصعوبات لكن الله سبحانه وتعالى يعييننا على مواجهة هذه الصعوبات.
كيف استطعت أن تفضل بين السياسة والدين علماً أن الدين الإسلامي ليس فيه هذا الفصل بل على العكس فهو يناقش أمور الدنيا؟
** أنا لا أقول إن الدين والسياسة مختلفان، أنا أقول إن رسالتي تركز على نقاط محددة، فأنا مثلاً لا أتطرق لمجال الفتوى لأن هناك علماء كثيرين يقومنون بهذا الأمر، وبالتالى كل تركيزي يكون على البعد الإيماني والأخلاقي والأجتماعي أما الفتوى والسياسة فقد تركتهما للأخرين.
ما سر هذه الحملة الشرسة التى يشنها البعض عليك لدرجة استحداث مواقع على الأنترنت لمهاجمتك؟
** هل يوجد نبي من الأنبياء او مصلح من المصلحين لم يهاجم… وهل يوجد إنسان تتفق عليه البشرية بأكملها؟.. لكن أنظروا – ولله الحمد – إلى كم المحبين وكم المستفيدين من الرسالة وأنتم تعرفون، وهذه طبيعة السنن الكونية في الخلق، إن البشر يتعرضون لمثل هذه الأمور وبالذات من يتصدى لمحاولات الإصلاح لابد من أن يكون الهجوم عليه كبيراً إذا كان صادقاً وجاداً.
هناك أصوات عديدة في المملكة العربية السعودية هاجمتك فما سر هذا الهجوم؟
** أعتقد من الصعب أن تقول أن هناك أصواتاً عديدة في السعودية هاجمتني لمجرد أن صحفياً أو إثنين تعرضا لي بالهجوم، بدليل أن عدداً كبيراً من الصحفين هناك أشادوا بي، وهناك أيضاً عدد كبير من المحبين لي في المملكة، والندوات التى أقيمت لي في السعودية تؤكد عكس ذلك، وتبين أن أصوات المهاجمين والنتقدين لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
لماذا يفسر البعض ظهورك بملابس عادية، وأسلوبك البسيط في تناول القضايا الدينية على أنه نوع من السطحية وبأنك لا تمس أعماق القضايا الإسلامية؟
** النتائج هي التى تحدد ذلك يعني رد فعل الشباب والنساء تجاه ما أقول هو الذي يحكم ويبين إذا كان ما أقوله عميق التأثير أم لا، وما أقصده بالنتائج هنا هو التأثير الإيجابي في الحياة الكثيرين من الشباب هؤلاء كان منهم من يتعاطى المخدرات، وبعهم كان يتسم بالفشل واللامبالاه تجاه والديه، ثم أجد الكثير من الآباء والأمهات يتصلون بي وكأنهم يستنجدون ويقولون:" خلي بالك من أولادنا اللي كانوا ضيعين "، الشكر المستمر من الأهالي الذين عادوا أولادهم مرة أخرى إلى طريق الصواب بعد أن كانوا فاشلين في دراستهم وحياتهم، وهنا أرجوا أن أءكد أن رسالتي لم تكن تؤدي إلى العمق الإيماني فقط لكنها كانت تؤدي إلى تحسن أخلاقي كبير ولله الحمد.
يقال أن المعجبين بك شباب لأنك " تضحك على عقولهم "، وهم شباب سطحيون لا يفهمون شيئاً.. ما رأيك؟
** والله، هذا الكلام يتهم الأمة كلها، بأنها أمة تتسم بالغباء، فأنا تتابعني مئات الملايين على شاشات الفضائية العربية في كل مكان، فهل كل هؤلاء من السطحيين الذين لا يفهمون؟!
المرأة في الإسلام
من الإنتقادات التى تواجه إليك أن كلامك لا يؤثر إلا في بعض السيدات وأن ذلك نقطة تحسب عليك ولا تحسب لك؟
** والله، من الواضح أن البعض مازال يعتبر أن المرأة أقل تديناً من الرجل، وإن المرأة تأتي في المرتبة الثانية، وأن المجتمع العربي مجتمع ذكوري لا يؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة، لكن هؤلاء نسوا أن المرأة منذ صدر الإسلام تكون أحياناً أكثر تديناً من الرجل، وضرب الله مثلاً للذين آمنوا إمرأة فرعون، ومريم، فهما مثل المؤمنين عند ربنا، وأن كثيرات من نساء الصحابة أسلمن قبل أزواجهن، ويكفي أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أسلم بسبب شقيقته فاطمة بنت الخطاب، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له دروس مخصصة للنساء، وعندما تبدأ المرأة الاهتمام بدينها ينزعج البعض ويقولون إن أكثر المقبلات على دروسي من النساء، بينما على الجانب الآخر نجد أن أعداء الأسلام يتهمونه بأنه دين ضد المرأة، فماذا يريد هؤلاء مني؟.. إن أهتمام المرأة بدينها شيء طبيعي، والمشكلة أن المرأة في الخمسين سنة الماضية لم تجد خطاباً يوجه إليها بشكل بسيط ولا يعتمد على الترهيب، أو يتهمها بأنها على هامش المجتمع، فعندما وجدت خطاباً سهلاً ولا يرهبها، ويقربها إلى الله أقبلت بشدة.
شيخ عمرو هل تعتقد أن بعض أصحاب العمائم في مصر كانوا وراء حملات الهجوم عليك؟
** الأزهر منارة الإسلام، وعلماؤه هم أيضاً منارة الإسلام، وأنا لا أدعي أنني عالم أو مفت لأنني أعمل داعية، ولا أحمل لعلماء الإسلام إلا كل خير.
لكن بعضهم يتعاملون معك على أنك ظاهرة إعلامية؟
** أؤكد لك أن بيني وبين الكثيرين من علماء الأزهر التقدير وأيضاً التوجيه، أنا لا أفشي سراً إذا قلت لك إن الذي يحدد الكثير من الموضوعات والقضايا التي أتناولها وأطرحها هم بعض العلماء الأزهر وعلماء المملكة العربية السعودية، وهذا النقد ليس كلام الناس المخلصين، والذي يحب الإسلام لا يمكن أن يقول ذلك، ولا يمكن أن يتهمني واحد من علماء الأزهر بهذا الإتهام.. وهذا الكلام أعتقد أن وراءه بعض الذين يريدون إحداث الوقيعة بيني وبين علماء الدين.
طرحك بعض الموضوعات مثل الحب عند الشباب، والكلام في المحمول، مثل هذه الموضوعات..
** ( يقاطعني برده ): لقد كانت هذه الموضوعات بالفعل الشباب معي، فأنا أعيش واقع الشباب، وأكلمهم حول هذا الواقع، ولا أكلمهم من فوق برج عاجي، ولا أتعامل معهم بصيغة الأمر، وأفعل، ولا تفعل، لكنني أحاول أن أمسك بيد الشباب وأمشي معهم خطوة خطوة.
كيف تعيش الآن في بريطانيا؟
** حياتي هنا مستقرة تماماً، ونسأل الله العون.
مشروعاتك في مصر مثل مكتب المحاسبة الذي تشارك فيه.. هل ستوفر لك الغطاء المادي للأقامة في بريطانيا؟
** إن شاء الله، ستكون لي مشروعات هنا في بريطانيا، تخدم الإسلام، والمسلمين، فمازلت أتبين موقفي وأحدد موقعي، ومن الصعب على الآن تحديد نوع المشروعات التي يمكن أن أشارك فيها خلال قترة إقامتي في بريطانيا.
- المرفقات
- عمرو خالد.jpg
- (32 Ko) عدد مرات التنزيل 72